-A +A
سعيد السريحي
المجرم الذي أطلق النار على رجال الأمن في مدينة تريب الفرنسية ثم لجأ إلى متجر حيث احتجز بعض الرهائن وأطلق عليهم النار فسقط بعضهم قتيلا والبعض الآخر جريحا قبل أن ينتهي أمره قتيلا على يد الأمن الفرنسي، هذا المجرم اختصر المسافة بين قوائم المجرمين وتصنيفاتهم المختلفة، فقفز من قائمة المتاجرين بالمخدرات إلى قائمة المتاجرين بالدين ممن يستبيحون القتل والتدمير بدعوى الجهاد ويتخذون من تنظيم داعش مرجعا لهم ينتمون إليه ويأتمرون بأمره وينفذون مخططاته.

والمسافة بين المتاجرة بالمخدرات والمتاجرة بالدين لدى البعض ليست ببعيدة عن بعضها، فإذا كانت المخدرات تدر على العصابات المتاجرة بها أرباحا طائلة وتوفر لهم ثراء سريعا، فإن المتاجرة بالدين توفر للجماعات المتطرفة والأحزاب المؤدلجة الوجاهة الاجتماعية وتسهل لهم استدراج الأتباع الذين يتم توظيفهم لتحقيق أجندات لا صلة لها بالدين ولا علاقة لها بالشرع.


وإذا كان مجرم مدينة تريب الفرنسية قد اقتحم المتجر وأطلق النار على بعض من كانوا هناك وهو يصرخ الله أكبر، فإن ما تفعله بعض الميليشيات المتطرفة لا يختلف عن ذلك، وذلك حين يصرخون: الموت لإسرائيل الموت لأمريكا، ثم يفتحون نيرانهم على أبرياء لا ذنب لهم، أو يطلقون مقذوفاتهم على دول وشعوب مسلمة.

ما يجمع بين مجرم مدينة تريب والجماعات والميليشيات التي تدعي القتال دفاعا عن الدين هو الخلل في التفكير، سواء نشأ عن تاريخ قديم في تعاطي المخدرات والمتاجرة بها، أو نشأ عن غياب الوعي بقيم الدين، واتخاذه مطية سهلة لتحقيق مآرب خاصة وأجندات خارجية.